رحلة


لَحْظة

جريدة غزل

الوصول صعب ولكن معًا نستطيع. .. جريدة غزل لدعم الكُتاب عن طريق نشر كتاباتهم بأنواعها لتصل إلى القُرَّاء بسهولة، لمؤسستها سها عبد النبي، تحت إشراف تطبيق وجريدة لَحْظة.




لا يكسر صوت زمهرير الريح العاتية في ذلك الوقت من الليل سوى هدير محرك السيارة التي تبتلع الطريق بلعًا نحو وجهتها، في حين تشير الساعة إلى الثانية صباحًا بدأ النعاس بالتسلل خفيةً نحو الركاب حتى أخذ الكرى بمعاقد الأجفان، وحده السائق من ظل يقاوم حتى استشعر أنه بدأ بالهلوسة، أيقظ رفيقه ثم طلب أن يتبادلا الأدوار

لم يمض سوى قرابة الساعة والنصف من بداية تسلمه القيادة حتى انبثق له من بين الظلام ظلٌّ أسود لشيءٍ بمنتصف الطريق على بعد خمسة أمتارٍ، مد يده بالظلام متحسساً جسد رفيقه ليوقظه قبل أن تقع على سائلٍ دافئ، سحبها بسرعةٍ ليبحث عن أي مصدرٍ للضوء يعرف به ماهية الشيء الذي لمسه

رفع الكشاف الصغير نحو جسد رفيقه الممدد بجانبه ليطلق صرخةً بالوقت ذاته هز دويها من بالسيارة، كانت جثته مقطوعة اليدين يسيل منها الدم دافئاً نحو المقعد إلى الباب المفتوح على مصراعيه، لم يستوعب ما يحدث بعد وهو يرى نفس الجسم الذي كان قبل عدة ثوانٍ فقط ببعد خمس أمتارٍ فبات يجلس الآن فوق مقدمة السيارة، يغطي الشعر كافة ملامح وجهه سوى فكيه الذين يلمع لون الدم بهما فينساب من أطراف الفم خيطاً رفيعاً بينما لاتزال تلوك قطعةً من الذراع التي تغرس بها أظافرها الطويلة السوداء كلونِ بشرتها، لم يتحمل بشاعة المنظر والأحداث المتوالية فأغمي عليه

انتابته قشعريرةٌ أدت إلى استيقاظه بعد عدة ساعاتٍ، ينصت لهمهماتٍ وأصواتٍ متداخلةٍ لكنه غير قادر على تمييز ماهيتها، تشجع أخيراً مقرراً أن يفتح عيناه ليعلم ماحدث فالأكيد أنه لم يمت مادام يشعر، فتحهما ببطءٍ ليرى أمامه الجسد ذاته جالسا على صدره ليغمى عليه مرة أخرى

على بعد بضع خطواتٍ منه يقف الطبيب المشرف على حالته برفقه آخر وممرضتين، يتشاورون حول وضعه والهلاوس المرعبة التي تصيبه بين الفترة والأخرى منذ وجد وحيداً مقطوع الساقين بمدخل إحدى المستوصفات مما استدعى نقله هنا على وجه السرعة. 


منة بشير
جريدة غزل

الحياة أحلام فلا داعي للتخلي عن حياتك

إرسال تعليق

أضف تعليقًا مُشجعًا ..

أحدث أقدم

شاهِد أيضًا

إغلاق الإعلان