خذلان

لم أكن في غاية الإدراك حين أدركت أن أحدهم أو ربما جمِيعُنا نبقي دائماً أي بمعنى أن لا أحد يترك الآخر كان تفكيري محدود ولم يكن يدرك أننا كل يوم في شأنٍ جديد، لم يكن يعرف أن أحدهم اليوم معك ويحبك ويقدم لك يد المساعدة بكل سُرور وفي الغد تراه شخصاً لم تكن تعرفه من قبل وكأنك تري ما قاله العالم عنهُ، كُنت تُريد أن تكَذب عَيناك حين رأيت الحقيقة فداخلك يصرخ بأعلى صوت وخارجك هادئ

 وكأن لم يكن شيء من البداية، ولكن في مُخيلتك تسترجع ما حدث ترى أنك أخطأت في الاختيار، وأن أحدهم لهُ الأولوية بمشاعرك وتستنتج أن مشاعرك لم تكُن بحاجة إلى تلك، ومن ثُم يأتي تارةً أُخرى ولكن لن نسامح ولن نعذُر فكفى لنا أعذار، فكم من كَلمات قيلت في حقنا دون علمنا وكم من أفعال تُحكى ولم تُفعل لن نُسامح أبداً من كان سبباً في إسقاط دمعة واحدة من أعيننا، لن نسامح من جعلنا نرى أننا أشخاص سيئين ولو لساعات، لم نعد قادرين على أن نعفو ونغفر، لن نَعْفُو عن من وَثَّقْنَا به في أول المطاف حين كُنا تائهين، لم نكُن علي علمٍ بالطريق ولم نكن في قمة الٱدراك لنرى حقيقتهم، لم يذهب ولن يذهب ذلك الخذلان الذي حدث منهم ولن ننسي دموعاً سقطت وأسقطت أشياء كثيرة معها، لن ننسي ذلك الوقت، لم ننسي شعورٍ بالذنب رغم أننا كُنا على يقين أننا لم نُخطئ، ففي النهاية تفكيري لم يعد كالبداية، لم يعد محدود ولم يعد بريء أيضاً فكل البراءة ذهبت مع ذلك العالم الذي لا يتناسب مع عالمنا أصبح تفكري حدية نعم حديث كلمة تعبر عن العالم وتفكيره في عصرنا، هذا العالم لم يعد أحد به كما كان فكل منا يُريد أن يُغير شيئًا ما ولكن على طريقته الخاصة، أصبح تفكيري من تلك النوع يفهم يبرمج فيتكلم لذلك سميتهُ بالحديث، أصبح يعرفهم من نظرات أعيُنهم ويعرف صدق مشاعرهم، نعم فتلك الخيبة لم تكن سهلة قد تكون سَخِيفَته لك ولغيرك والبعض منكم ولكن بالنسبة لي أنا فإنها حقاً قد أبدعت وأبهرت في تعليمي الكثير والكثير وأن الأشخاص ليست على ما تبدو وأن ذلك المثل الكتاب بيبان من عنوانه ليس صحيح لأن لا أحد يعرف ما به أنت حكمت على ظاهرة لرُبما يوجد بهُ معلومات قد تفيدك ولربما قد تضرك ولكن أنت لم تقراه فلما تَحكم، كذلك الأشخاص لن تعرفهم إلا حين تعاشرهم وأكششثر ما يبينهم المواقف، نعم خُذلنا ولكن سيعوضنا الله بمن خذلنا سيقف معنا ويربت علي اكتافنا، سنتشبث به ونقرب أكثر فالقرب من الله هو أكثر شيء مُطمئن في هذا للعالم، حتي وإن عاد من خذلنا نادماً علي ما فعله فكفى ذلك الوقت حينما أوجعنا بكلمات كُنا نكذب آذاننا أنها تُنطق منهم، نحن نعلم أنهم سيأتون ولكننا لن نسامح وكفى اوجاع، نُريد أن نبقي ما تبقي مِنا ومعنا في هدوء تام لا نُريد ازعاج من أحدهم أو ربما تأنيب ضمير قد يغُص أحدهم، حتب وإن هُذمنا أمام حُبهم (فقال: جبران خليل جبران الإحرام فوق كل شيء فوق الصداقة وفوق القرابة وفوق الحب ايضاً)، فهم لم يفوا بعهد ولم يصونوا صداقتنا فقد خانة كل شيء يا صديقي ولم يعد في وسعي أن أثق في أحد تارةً أخرى فإنني اكتفيت، بغض النظر عن كل هذا، بغض النظر عن كل ما افتُعل بنا، فسيأتي من يربت على أكتافنا بحنان ويكن لنا أمان، سيأتي من يداوي وجعك وبذكرك دائماً بأنك الأفضل، أنت لست الأفضل ولكن سيراك الأفضل، لم ولن يخذلك ولن يستنفد طاقتك، سيفي بعهده إن عهد، ولن بتخلي أبدا .

_يارا مدحت

_لين