
جريدة غزل
الوصول صعب ولكن معًا نستطيع. .. جريدة غزل لدعم الكُتاب عن طريق نشر كتاباتهم بأنواعها لتصل إلى القُرَّاء بسهولة، لمؤسستها سها عبد النبي، تحت إشراف تطبيق وجريدة لَحْظة.
"وتلاقت الأرواح"
وفي تلك البلدة المليئة بالحروب نجد هنا منازل متهدمه وأخرى محترقة، نجد أيضًا آثار دماء كثيرة نُزفت من أرواح بريئة ماتت نحتسبهم شهداء عند الله، أغراض ملاقاه هنا وهناك وأصوات انفجارات كثيرة وصوت رجل يصرخ قائلا: هيا هيا اهربوا اهربوا.
نجد أهل البلدة جميعهم مجتمعون يهرولون إلى تلك العربة قبل أن يصيبهم ذلك الرصاص الطائش.
نجد أيضًا زوجان عاشقان يركضون وهم يتمسكون بأيدي بعضهم.
الزوج"آدم": عزيزتي اصعدي في تلك العربة وأنا سأصعد في تلك التي تقف أمامك.
الزوجة"يارا": لا خذني معك أريد أنا أكون بجانبك.
آدم: عزيزتي لا يصح فالنساء في عربة والرجال في عربة أخرى.
يارا بتردد: ولكن.
قاطع حديثهم صوت ذلك الرجل يصرخ فيهم بأن يصعدوا إلى العربات سريعًا.
نظر آدم إلى زوجته وقّبل جبهتها بحنيه ثم ودعها بنظراته وصعد إلى العربة الخاصة بالرجال.
نظرت يارا إلى زوجها وهي تشعر بإنقباض في قلبها ثم صعدت هي الأخرى إلى العربة.
لتتحرك بهم سريعًا.
ظلت العربتان يتحركان لمدة ساعة كاملة حتى توقفت.
نظرت جميع النساء لبعضهم بإستغراب وقلق لتقول إحدى النساء والتي كانت قريبة من سائق العربة: ماذا يحدث هنا؟
السائق: يبدوا أن هناك ما قطع الطريق علينا.
انقبض قلبي بشدة وظل لساني يردد بالدعاء وفجأة سمعنا صوت تفجير قوي بالخارج فيبدوا أن هناك معركه تقام.
خرج السائق ليعرف ماذا يحدث؟
غاب قليلًا ثم صعد مرة أخرى بسرعة وأدار العربة للناحية الأخرى وانطلق سريعًا فصرخت أنا: انت! ماذا تفعل؟ زوجي بالخارج أريد أن أذهب إليه.
نظر لي السائق وقال: لو وقفت ثانية أخرى لكانت أرواحنا في السماء جميعًا.
لأقول بقلق: لما؟ ماذا حدث؟.
السائق: هناك من قطع علينا الطريق وظلوا يحاربون مع العربة التي أمامنا منهم من قُتل ومنهم من فر هاربًا.
أشعر بروحي تنسحب ببطء ودوار شديد في رأسي ثم بعدها حل الظلام ولم أعرف ماذا حدث؟
عُدت إلى وعيي فوجدت نفسي بمكان قديم وبجانبي إمرأة كبيرة ومن حولي جميع النساء التي كانت بالعربة، تذكرت كل شيء فوقفت سريعًا وقلت بلهفة: ماذا حدث؟ أين عربة الرجال؟
إحداهما: لقد جاء بنا السائق إلى هنا ولا ندري ماذا حدث لهم.
جلست بصدمه وبدأت بالبكاء الشديد على زوجي وأنا أشعر أنه ليس جيدًا، أريد الذهاب له ولكن لا أعرف أين هو الآن، مر ثلاث أعوام ومنذ ذلك اليوم ولم التقي بزوجي ولم أعرف عنه شيء، طوال هذه السنوات كنا نتنقل من مكان إلى آخر بسبب الحروبات ومازلتُ أبحث عن زوجي ولم يتملكني اليأس ولو ذرة في أن أجده فقلبي يقول لي أنه على قيد الحياة ولكن بمكان ما.
جاء رجل وقال: استعدوا سنغادر هذا المكان وسنذهب إلى مصر.
ولم يمضِ الكثير وصعدنا جميعًا إلى العربة وجلسنا بها فأنطلقت تشق طريقها إلى مصر، بعد يوم كامل وصلنا إلى أرض مصر والتي ستكون موطننا من الآن، لن أنكر شعوري بالسعادة أننا انتقلنا إلى مصر أم الدنيا فهي بلد أمنه ومستقره وأخيرًا سننتهي من تلك الحروبات، ومرت بنا الأيام وأنا أخرج كل يوم لأبحث عن زوجي افكر يا ترى كيف حاله؟ أيشتاق لي مثلما أشتاق له؟ هل يبحث عني مثلما أبحث عنه؟ وفي يوم ما كنت أجلس أمام مطعم ما، كنت شاردة في أفكاري ولا أعرف لما قادتني قدماي إلى هنا، وقفت بيأس وكدتُ أرحل فوجدت أحدهم يخرج من ذلك المطعم وخلفه حراسه شديدة يتقدمون بخطوات سريعة، ازاحني أحدهم ليمر رئيسهم فسقطت على الأرض بقوة فأنغرزت بذراعي قطعة زجاج فصرخت بشدة من الألم، انتبه ذلك الرجل إليها لينظر إلى حارسه بغضب شديد قائلًا: ماذا فعلت يا أحمق؟
اعتذر الحارس بينما تقدم ذلك الرجل من يارا وجثي على ركبتيه وقال بقلق: هل أنتِ بخير؟
رفعت يارا رأسها لذلك الرجل ليرتجف قلبها بقوة وهي تنظر له ودموعها تنهمر بكثرة، رفعت يارا كفها وحاوطت وجنتة وهي تنظر له بعدم تصديق قائلة بهمس: آدم؟
آدم بهمس وهو يلمس وجنتها بحنان وعدم تصديق هو أيضًا: يارا؟
ليحتضنوا بعضهم بشدة بلهفة واشتياق وظلت يارا تبكي كثيرًا وهي تتمسك بزوجها آدم تخشى فقدانه مرة أخرى، حملها آدم ثم أشار لإحدى حراسيه ليفتح له السيارة ففعل الحارس سريعًا، صعد آدم وهو يحمل يارا إلى السيارة لتقودهم إلى منزل ما يبدوا أنه لآدم.
آدم بلهفه: يارا هل أنتِ بخير؟
يارا بهمس باكي ونبرة صوتها سعيدة: عندما رأيتك أصبحت بخير.
قّبل آدم جبهتها بعمق ثم قال: ماذا حدث معك طوال هذه السنوات أخبريني؟
يارا: كنا نتنقل من مكان لمكان ولم يحدث ما هو جديد حتى أتينا إلى مصر منذ عدة أيام.
اكملت: وأنت ماذا حدث معك؟
تنهد آدم وقال: عندما توقفت العربة كانوا أعدائنا قد قطعوا علينا الطريق وظلوا يحاربونا ولكن كانوا كثيرين فلم نستطع الإنتصار عليهم فأخذونا أسرى وأرسلونا إلى مصر وطوال تلك السنوات كُنت أعمل بجهد ومن ناحية اخرى كنت أبحث عنك وبعد ثلاث سنوات أصبحت رجل مهم في مصر ولدي شركة كبيرة وقصر كبير هنا، اليوم كنت عائدًا من عملي ولفت انتباهي ذلك المطعم ولا أعرف كيف قادتني قدماي إلى هناك وجلست فيه قليلًا ثم خرجت وأنتِ تعرفي الباقي.
يارا بحب: أيضًا أنا لم أعرف كيف قادتني قدماي إلى ذلك المطعم، كدتُ أرحل ولكن عندما خرجت أنت وقفت أنا وكأني شعرت بك.
آدم بنبرة عاشقة: أرواحنا هي من قادتنا إلى ذلك المطعم لنلتقي هناك.
يارا بصوت باكي: لقد اشتقت لك كثيرًا.
آدم بحنان: وأنا اشتقت لكِ أكثر.
ليحتضنون بعضهم بشدة فمثل هذا العناق يمثل لهم الراحة والطمأنينة،
وأخيرًا قد التقت أرواحهم.
لـِ منة الله محمود أدهم.
التصنيف
قصص قصيرة