
جريدة غزل
الوصول صعب ولكن معًا نستطيع. .. جريدة غزل لدعم الكُتاب عن طريق نشر كتاباتهم بأنواعها لتصل إلى القُرَّاء بسهولة، لمؤسستها سها عبد النبي، تحت إشراف تطبيق وجريدة لَحْظة.
كان يَجلسُ القرفصاء وَسط أَوراقه المُبللة بِدموعه التي تنساب على وجنتيه، مع أغنية فيروز التي تصدع بأرجاء غُرفته كَاحِلة السَواد، وقهوته التي فسدت تمامًـا ولا تَصلح للشُربِ، كان السِكون يَعُم أرجاء المَنزل عدا أنّينه الخفيض، وكلمات فيروز تزيد مِن أوجاعه، نهضَ فجأةً وأحضرَ ورقة بَيِضاء اختارها بِعناية وقلمه المُفضل بين يَديه ثُـم جَلسَ على مقعده بِجوار نافذته ثُمَّ شَرعَ فيِ الكتابة، ترى ماذا سَيكتبُ هذا المِسكينْ؟
«السلام على قَلبكِ الجَميل، كيف حالكِ؟ أتمنىٰ أن تَكُونيِ بِخيـر، أَكتبُ لكِ لأنني ليسَ لَديّ الشجاعة الكَافية لِقولها لكِ، أُريدُ فقط أن تقرأي خِطابي بِعناية؛ فمن المُمكن أنّ يكون الأخير، رُبما لن أَكتبَ لكِ ثانيةً، أَعلمُ أنكِ لن تُسامحيني بعد هذه الكَلمات، رُبما أيضًا لن تَغفري لذاتكِ، لكني لا أُريدكِ أن تَحملي العبء، لا أُريدُ أذيتكِ أبدًا؛ فلو على قلبي لأخذكِ وخبأكِ بين ضلوعي ولا أخرجكِ مِنه قط، كُنتِ ليِ دوائي أثناء مَرضي، كُنتِ لِي حُضن الأم الذي أُهرول إليه عِندما يتخلى عني الجميع ولا يتبقَى سِواكِ، ولكن القدر كاَن لَهُ رأي آخر.
رحلتِ وطال بُعدكِ كثيرًا، صِرتُ أحتضر بِغيابكِ، قتلتِ قلبي الذي كان يحملُ عشقكِ بين ضلوعه، بل أصبحتِ كَخلايا السرطان التي انتشرتْ داخل جسدي بِالكامل، أَرسلتُ لكِ كثيرًا مِنْ الرسائل لكنْ بِالمُقابل كُنتُ أتلقى ردودًا باردة للغاية وكلمات لاذعة كانت تنزلُ على قلبي كورقاتِ الشجر التي تَسقط في الخريـف، كيفَ لكِ أن تَتُركي قلبي وترحلي هكذا دونَ عِتابٍ أو حديثٍ بيننا! لا أُريد أن أُعاتبكِ بل أنا الذي أستحقُ هذه المُعاتبة؛ فلقد حملتُ قلبي فوق طاقته، ومعَ كُل هذا أَتحرى شوقًا إليكِ، أشتاقُ لـِرؤية بَريق الشمس الممزوج بخضرة عينيكِ، مع كُل هذا مازلتُ أُريدكِ؛ فلو أتيتِ واعتذرتِ سأُسامحكِ فورًا ولن أُعاتبكِ أبدًا، لكني أعلمُ أنكِ لن تأتي؛ فقد أوصلني عِشقك للموتْ أو بِمفهومًا أدقْ «الانتحار».
أعترف أنني لستُ جيدًا بالانتظار كثيرًا ولا أستطيع كرهكِ أيضًا؛ فأنا لستُ بِأيوب حتىٰ أنتظر، رحلتِ وقد تركتِ ورائكِ قلبًا لا يُريد سواكِ، لم يُحب ولم يُدخل في حياته مِن نِساء حواء غيركْ.
آخـر كلماتي أقول لكِ تَذكريني دائمًا، أخبري كُل البشـر أنني العاشقُ الولهان الذي مات في سبيل حبيبته التي هجرته وحطمت فؤاده وتركته مُتلطمًا بين الطُرقاتْ، دَعِيهم يَنشروا قصتي البائسة بِكتابٍ ويَضعونَ اسمكِ بِجوار اسمي، سأكونُ مُرتاحًا كثيرًا، دَعيهم لا يَلُومونكِ علىٰ تركك ليِ؛ فأنا لا أُريد لأحدهم أنْ يُؤذيكِ ولو بِكلمة، تَذكريني دائمًا في رسائلكِ ككافكا وميلينا.
حطمتِ قلبي ومازلتُ أراكِ شيئًا فريدًا لن يتكرر مرةً ثانية*
التصنيف
نصوص