جرعة ثقة | "جريدة غزل"


لَحْظة

جريدة غزل

الوصول صعب ولكن معًا نستطيع. .. جريدة غزل لدعم الكُتاب عن طريق نشر كتاباتهم بأنواعها لتصل إلى القُرَّاء بسهولة، لمؤسستها سها عبد النبي، تحت إشراف تطبيق وجريدة لَحْظة.


جرعة ثقة

ذهبت إلى المتجر صباح أمس لأبتاع بعض الأغراض، وكنت في حنق شديد من بعض الأمور؛ كالملفات في العمل التي عليّ تسليمها، والوقت الضيق، وبعض الأعمال الأخرى. وأنا أحاسب أمين الصندوق، وبعدها هممت بالمغادرة، إلى أن رأيت مشهدًا يصعب عليّ وصفه -أكان حقيقيًا أم لا- ولكني تأثرت به كثيرًا. 
كانت فتاة في السادسة من عمرها، تقف وتمسك بأخيها الأصغر منها بعامين فقط وتقول له: سيعود لا تقلق، سيعود. 
لم أفهم في البداية، لاسيما مع بعض الدموع المترقرقة في مقلتي والدتهما أمام أمين الصندوق، وقفت أتابع حديث الطفلين بفضولٍ شديد. 
الفتاة: ألم يخبرك أنه سيعود؟ 
الفتى: بلى.
الفتاة: إذًا سيعود، أتعلم إذا أردت شيئًا بقوة عليك أن تغمض عينيك، وتركز عليه بشدة، وتفتحهما وستجده أمامك. 
الفتى: حقًا؟ 
الفتاة بكل ثقة: نعم، دعنا نحاول. 
وأغمض كل منهما عينيه في محاولة لطلب عودة شخصٍ ما، كنت مبهورًا بثقتها الزائدة في هذا الشيء رغم صغر سنها، ومع ذلك ظللت أحسدها طول النهار؛ فلقد كانت على حق، ما إن فتح الطفلان أعينهما حتى صاحا بأعلى صوت: بابا! 
نظرت الأم غير مصدقة، بينما اندفع الطفلان إلى والدهما وسط دموع الحاضرين جميعًا ممن تأثروا بالموقف ومن بينهم أنا. 
علمت بعدها أن الأب كان مسافرًا لفترة لا يعلمها، ولم يخبرهم بموعد عودته، حتى بات على غيابه عامين كاملين، وعاد في النهاية لجمع شمل الأسرة. 
مازلت أتذكر الفتاة في كل مرة أشعر فيها باليأس، كيف لطفلة في السادسة أن تمتلك كل هذا اليقين؟ منذ ذلك الحين وكلما واجهتني صعوبة فقط اغمض عيني، وأركز على ذلك الشيء كثيرًا وافتحهما، حتى وإن لم تتحقق معظم الأشياء، ولكن تلك اللحظة كفيلة بجعلي استرخي وأفكر في الكثير من الحلول بعدها. 

وإن عزمت على فعل شيء، فلا تتراجع ولا تيأس، فقط كن كالفتاة في ثقتها واغمض عينيك وركز. 

مودة محمد مصطفى
جريدة غزل

الحياة أحلام فلا داعي للتخلي عن حياتك

إرسال تعليق

أضف تعليقًا مُشجعًا ..

أحدث أقدم

شاهِد أيضًا

إغلاق الإعلان