شتاء قاسي مختلف|"جريدة غزل"


لَحْظة

جريدة غزل

الوصول صعب ولكن معًا نستطيع. .. جريدة غزل لدعم الكُتاب عن طريق نشر كتاباتهم بأنواعها لتصل إلى القُرَّاء بسهولة، لمؤسستها سها عبد النبي، تحت إشراف تطبيق وجريدة لَحْظة.


"شتاء قاسي مختلف"
لماذا العام بأكمله أصبح فصلًا واحدًا؟ سقيع الشتاءِ الباردِ لا ينتهي، أين الفصول الثلاث الآخرون؟ مالهم لا يتعاقبون فينا؛ ليتجدد فينا الأملُ، أن الغد أفضل، أن العام القادم ستهدأُ روحنا ولو قليلًا، فهذا الشتاء الساقع الدائم الذي لا يرحل جمد مشاعِرَ بني آدم مِن حولِنا.. وكأننا نحن الآخرون كحائط في سدٍ منيع مهما جار عليه الزمن وتعاقبت فيه السُنون لا يُؤذيه شيء، لا يُؤلِمُنا ويُؤذي مشاعرنا الآخرون، كأننا لا نشعر، كأن سقيع الشتاءِ جمَّد مشاعر الآخرين فلا يرحمونا، وكأن مشاعِرنا جُمِدت فلا يحِقُ لنا أن نشعرَ ونتألم؟ لِم الصيف لا يأتي بحرارته العالية عَلّ حرارته تُذِيبُ ولو قليلًا من هذا السقيع؟ لِم الربِيعُ لا يأتي لِيُزهِرُ فينا ما انطفىء وبهتت معالِمه؟ لِم لا يتعاقبُ فينا لِيُجدِدَ فينا الأمل من جديد؟ لِم الخريف لا يأتي؟ نعم لِما لا يأتي؟! أهو يُشاهِدُ مُستمتِعًا مِن بعيد كيف أنّ عُوقِبنا لِتمرُدِنا عليه؟ أهو فرِحٌ لِسُخريتِنا بأنه يفعلُ بالبشر كما يفعل بالورق يُبعثرهم هنا وهناك؟  لِيت الخريف يعود؛ لِيعصِف برياحه كياننا أكثر راحة لنا مِن تجمُدِ مشاعر الآخرين تِجاهنا، ليته يأتي لِيرأف من حولنا بِحالِنا، يمنحونا ولو القليل من المشاعر والحنان، ليته يأتي لِتتناثر أشلائنا هنا وهناك كما الأوراق فيه علّ الرحمة تدُبُ في قلب أحدِهم فيُسعِدَ قلوبنا ويرأف بنا، هذا أكثر رحمةً مِما نحن فيه الآن، مشاعِرنا أُنهِكت في هذه الليالى الباردة، أصبحنا أكثر غِلظةً، هذا الشِتاء وإن لم يستمر العام بأكمله كفصل يتعاقبُ في مجرتِنا، فهو قد استمر على روحي مُنذُ أن دبّ فيها هذا الألم، فُؤادي كقطعة جمرٍ مُشعلة في ألمه، وفي الوقت ذاته هو كقطعة ثلج جمدت رُوحي بألمِها وعِلتها التي باتت تُلاصِقها، فلا ترك روحي تذبُل حتى تموت، ولا تركها تُشفى مِن جِراحِها، رُوحِي مِن فرطِ الألمِ فيها أشعر أنها قد أقسمت أنها ستبقى عليلةً هكذا إلى الأبد، العالم بأكمله رفض أن يُعطِيها الترياق؛ كي لا تبرأ مِن عِلتِها، رفض الجميع أن يُعطيها فرحتها، لا أُرِيدُ سوى الفرحة.. فرحة تُسعِدُ هذا الفؤاد المُنهك، ليت الفرحة تعرِفُ لقلبي طريقًا، ليتها تبِيتُ في قلبي ولو ليلة واحدة، ليلة واحدة فقط؛ لِأرتاح من عناءِ هذا الألم فهو مُؤلِمُ كثيرًا.. كثيرًا لأبعد الحدود، ليت البسمة تُزيِنُ قلبي، ليتني أهدأ وأكُفُ عن ازدراف الدمع، وأمتنع عن الحزن.. فلا يعرف لقلبي طريقًا.

ياسمين حسن. "رفِيقةُ النُجُومِ".

إرسال تعليق

أضف تعليقًا مُشجعًا ..

أحدث أقدم

شاهِد أيضًا

إغلاق الإعلان