غسق | "جريدة غزل"


لَحْظة

جريدة غزل

الوصول صعب ولكن معًا نستطيع. .. جريدة غزل لدعم الكُتاب عن طريق نشر كتاباتهم بأنواعها لتصل إلى القُرَّاء بسهولة، لمؤسستها سها عبد النبي، تحت إشراف تطبيق وجريدة لَحْظة.


"غسق"

"مش كل النور بيتشاف، في نور كمان بيتحس".
_ نور إيه اللي بيتحس؟
نظرت هي تجاه المُتحدث ..
= أنت مين؟
إقترب يجلس جوارها ..
_ أنا ياسين .. وأنتِ مين؟
= غسق .
_ إسمك غريب .. بس حلو .
= أنت عايز إيه؟
_ مش عايز حاجة .. أصل أول مرة آجي هنا ولقيتك قاعدة فـ جيت قعدت لو متضايقة ممكن امشي .
= لأ عادي خليك .
صمت كلاهما يتوجه ناظرهم إلى البحر الأزرق الواسع ..
_ مبتخافيش من البحر!؟
= لأ .
صمت ياسين حين شعر أنها لا تريد الحديث ..
= متفكرنيش مش عايزه أرغي ولا حاجة .. لأ عايزه أرغي كتير جدًا وأقول حاجات ياما .. بس محدش بيسمع .
_ أنا هسمع .
~ غسق!!
أمسكت غسق بقلم وأعطته لـ ياسين ..
= هقوم عشان أروح بقى .
_ هتيجي هنا تاني؟
= طبعًا وإلا مكنتش إديتك القلم .
إقتربت فتاة منها تبدو بعمرها وعانقتها بقوة ثم أمسكت بيدها ورحلوا تحت أنظار ياسين الذي شدد بيده على القلم الأسود الذي وضعته غسق بين يديه ..

مرت عدة أيام يذهب ياسين إلى ذلك المكان يوميًا ولا يجدها ولكنه يظل جالسًا ولا يشعر بالملل يرحل فقط حين يتأخر الوقت، كان جالسًا كعادته فشعر بيدٍ على كتفه فنظر ..
= إتأخرت عليك؟
_ أوي .. فكرتك مش جاية تاني .
= قعدني جنبك بس الأول .
أمسك بيدها لتجلس جواره ..
= لا متأخرتش .. أنا باجي هنا مرة واحدة طول الأسبوع .. وبعدين أنت لو كنت فاكر إني مش هاجي تاني زي ما بتقول مكنتش جيت ولا إيه!؟
_ أنتِ عفريته؟
ضحكت غسق بصخب على ما تفوه به ..
= لا مش عفريته أنا غسق .. وبعدين مش هنتكلم في شيء مُفيد قبل ما سيلان تيجي تاخدني .
_ لا هنتكلم طبعًا .
ظل ياسين يتحدث بينما غسق تستمع إليه جيدًا ثم أتى دورها لتتحدث ..
= أنا عندي عشرين سنة بس .. تحسهم دخلوا في الأربعين كده وبعدين أنا تعبت وحاسة إني بتعب اللي حواليا معايا .
_ ليه؟
~ غسق..
نظرت لها بعمق ثم تنهدت بثقل ..
= المره الجاية هقولك .. بس خليك متأكد إنك لو مشيت وقتها أنا مش هرجع هنا تاني يلا سلام .. ومتنساش تجيب القلم معاك .
أتت لها سيلان وعانقتها كالمرة السابقة ..
عادت غسق بعد أسبوع وجلست بمساعدة سيلان التي تركتها ورحلت مبتعدة ولم يكن ياسين جالسًا ..
= يارب مايكونش مشي للأبد .. يارب خليه معايا .
_ أنا آسف .. إتأخرت .
كان صوته متقطعًا ..
= أنت .. أنت جيت جري؟
جلس جوارها بإنهاك ..
_ اه عشان متأخرش عليكِ وبردك إتأخرت .. شكرًا إنك استنيتي .
إبتسمت غسق بهدوء ونظرت تجاهه ..
= ولا يهمك .. جبت القلم .
_ معايا .
= طب ينفع تقرب شوية عشان أشوفك .
إقترب ياسين قليلًا فوجدها تضع كفيها فوق وجهه تمررهما فوق ملامح وجهه بهدوء وتبتسم ..
= أنا مش بشوف يا ياسين .
شعر ياسين بالتعجب فهو لم يلاحظ هذا أبدًا، فإن كانت عمياء كيف ترى البحر وتجلس أمامه ..
_ مش فاهم!! 
= مش فاهم إيه؟ .. قبل ما اتكلم لو هتمشي إديني قلمي وامشي على طول وأنا مش هرجع هنا تاني .
_ مش قصدي .. إزاي بتيجي هنا ؟ .. أنا مأخدتش بالي إنك مبتشوفيش غير لما مديتِ إيدك على وشي .
إبتسمت غسق ببساطة ..
= أنا من زمان مش بشوف .. مش عارفة إيه اللي حصل فجأة مبقيتش أشوف .. بس بعمل كل حاجة وبتعامل كأني بشوف بالظبط .. مكنتش هقولك غير لما حسيت بيك .. متسألنيش إزاي .. لكني بحس بالناس الطيبة والصادقة وبحس بالناس الخبيثة الكذابة بردك .. ومفيش مرة إحساسي كذب عليا .. شكرًا إنك موجود .
_ أنا .. مش عـ...
= متقولش حاجة أنا مش عايزه حاجة منك .. خلي القلم معاك وأشوفك الأسبوع الجاي لو قررت تيجي .
وقفت هي ونادت بصوتها على شقيقتها التي أتت مسرعة فقد كانت تجلس بأحد الأركان ..
نظر ياسين لظهرها فلم يتوقع أن تكن غسق تلك الفتاة بسيطة الجمال بريئة العينين عمياء .. 
أتت غسق بعد أسبوع وجلست تنتظر مجيء ياسين ..
_ أنا هنا من بدري .
= حمد لله على السلـامه .
جلس جوارها ثم مد يده واضعًا الزهور بين يديها ..
= الله!! .. ده ورد صح؟
_ ايوه .. لونه أبيض .
= بحب اللون ده أوي .. شكرًا يا ياسين .
_ أنا عايز أتجوزك يا غسق .
= إيه الهزار ده! .. بطل بس .
تنهد ياسين بعمق ثم أمسك بكف يدها ..
_ أنا بتكلم بجد .. وعايز أتجوزك .
= هتتجوزني وأنا مبشوفش؟
_ أنا هبقى عيونك في الدنيا هوصفلك كل حاجة .. وهعملك كل اللي أنتِ عايزاه .
= يا بني اسمع نفسك كويس .. هتتجوز واحدة تعرفها من 14 يوم؟
_ عادي في ناس بتتجوز في يومين .
= بتحبني يا ياسين؟
_ مبحبش غيرك .
= لأ قولها الكلمة أم أربع حروف .
_ بحبك .
= مش هسألك تاني متـ...
_ ايوه يا غسق متأكد وبحبك وهتجوزك .
قالها بإنفعال شديد وبصوت مرتفع مما جذب الأنظار إليهم ثم سرعان ما ارتفع صوت التصفيق بينما إقتربت سيلان تعانق غسق بحب شديد ..
~ مبارك يا حلوين .
= أنتِ كنتِ تعرفي يا سيلا؟
_ أكيد هي اللي ظبطت الموضوع .
~ وبابا وماما هنا .
أخرج ياسين علبة مخملية من سترته ثم وضع الخاتم بيد غسق وأعطاها خاصته فوضعته باصبعه بتوجيه سيلان ثم صفق الجميع .. 
واقترب والديها ووالدي ياسين للإلتقاط صورة جميلة وقفت فيها سيلان جوار غسق بينما بالجانب الآخر وقف ياسين وإلتف والديهم من الجانبين ثم إلتُقِطت الصورة الأولى والتي لن تكن الأخيرة .

منار_حماده.

إرسال تعليق

أضف تعليقًا مُشجعًا ..

أحدث أقدم

شاهِد أيضًا

إغلاق الإعلان