
جريدة غزل
الوصول صعب ولكن معًا نستطيع. .. جريدة غزل لدعم الكُتاب عن طريق نشر كتاباتهم بأنواعها لتصل إلى القُرَّاء بسهولة، لمؤسستها سها عبد النبي، تحت إشراف تطبيق وجريدة لَحْظة.
"حاولت كثيرًا أقسم أنني حاولت كثيرًا من أجلك"
هز رأسه والدموع تلمع في عينيه وتدور برأسي كلماتنا سويًا محادثاتنا، انتظارنا وكلمة للأبد.
اسمي غصون، طبيبة نفسية تخرجت قبل ثلاث سنوات من الجامعة الجنوبية، شابه طموحه في بلاد غير طموحه بالمرة، يعتقدون أن الطبيب النفسي مليئًا بالأمراض النفسية ولكن السؤال هنا مَن مِنا خالي منها؟ وها قد عدت لكتاباتي من جديد فَلا أشعر بالراحة سَوَاء مع وريقات، أتذكر عندما كنت طالبة في الصف الثالث الثانوي حينما شاركت في المهرجان المحلي لإظهار المواهب، عن عيناي التي كانت مليئة بالقلق ويداي المرتجفتان، أتجول في جميع الأنحاء وأرى تلك وذاك ، فَذاك الصبي ذات الشعر الأسود، قوي البدن، صاحب البشرة السمراء.
_شكلك جديدة هنا!
-آه فعلا.
_اسمك إيه؟
-غصون.
_غصون! اسمك حلو.
ثم أردف قائلًا: اسمي زين وبالمناسبة أنا صاحب الفكرة دي.
تبسمت وانصرفت فهدوء.
انتهى حديثنا وزاد سروري عندما علمت أن المهرجان سيقام لمدة ستة أشهر بداخل مدينتي وكأن عقلي قد تجاهل الجميع من حولي وتمنيت داخل نفسي لو كان لدي المقدرة والجرأة على محادثته.. حتى وجدته ينظر إليّ فجأة، فاضطرب وجهي، ثم ضحك وأشار إلي بيده.. لا أتذكر أنني فعلت شيئًا سوي أنني حدقت بوجهه سرعان ما أبعدت بصري عنه، على مدار أيام عدة زاد تعلقي به وحبي له، مرت الشهور وكأنها دقائق معدودة وفي كل مره أرى فيها زين يروادني شعور غريب لا أستطيع وصفه، لكنني كنت واثقة من أن هناك ثمة شيء لا أعرفه، كلما أردت منه التحدث عن نفسه وعن حياته يرتبك وتتغير لهجته، كنت أريد فقط أن أكون بالقرب الكافي له، جاء اليوم الأخير في المهرجان وكما توقعت أن يتم إختياري ضمن الفائزين، لم أشعر بالسعادة كلما تذكرت أنه سوف يغادر مدينتي ولن أراه مجددا، انتهى الحفل والجميع في منتهى السرور، لكنني لاحظت أن زين لم يكن على طبيعته فقد كان سريع الخطوات المليئة بالقلق والخوف، يحاول أن يكتم ما بداخله لكن عيناه تتجاهل ذلك، كان صامتًا صمتًا غريبًا لم أعتده من قبل.. فجال بخاطري أنه سيخبرني هو الآخر عن حياته مسبقاً، يقولون أن أصعب لحظات المحبين هي الاعتراف، إلى أن وصلنا لنهاية الطرقات، وهناك واصل صمته، فقلت في تعجب:
_جئنا لنصمت؟!
لم يقل شيئًا ونظر بعيدًا إلى الجانب الآخر.
فأردفت قائله:
_حسنًا لنعد إلى الحفل.
فوقفنا بجانب النهر وتشبث بيدي وقال وعيناه مغمراتان بالدموع:
_غصون سامحيني، فلقد كان كل شيء من البداية حتى النهاية مجرد خدعه، ظننت أنكِ ستكونين امرأة عابرة لكن قلبي لم يتخطاكِ.
لم أفهم ما يعنيه وتسارعت دقات قلبي وارتجفت يداي فأردف قائلًا:
_أسمي زين من جنوب الصعيد جئت إلى هنا هاربًا من قتل أخي وأمي، ظنوا بأني لم أعد على قيد الحياة، ولكنني جئت إلى هنا منذ ستة أعوام راودتني العديد من الأحلام القاسيه، لكنني لم أقدر على تجاوزها ونسيانها بدونك فأنا معكِ للأبد.
صمت الكون من حولي لم أستطيع سماع أو فهم ثمة شيء، اختلط الواقع باللاوعي ووجدت زين في النهر ينادي بإنقاذي له، هرولت وأنا لا أرى يتذبذب عقلي وأصوات غريبة حولي، زين ينادي ويهتف بإسمي بأعلى طبقه حتى أنقذه من الغرق وأنا أتجاهل، يدور رأسي لتظهر كلمات على لساني لا أستطيع ترجمتها متعرقه وأرتجف وأهرول سريعًا بعيدًا عن النهر عيناي مليئة بالدموع التي لا أستطيع كتمانها لتقول أمي لقد عادت نوبات الاضطراب، عاد الاختلاط بالواقع والعقل الباطن والطبيب بجانبي يعطيني مهدئاتِ، تنبهت أنني كنت أستعيد ذكرياتي في أحلامي هدئت نبضاتي واحدة تلو الآخرى لتمسك أمي بيدي أنا معكِ يا صغيرتي.
ليت عقلي يستطيع محو ذلك، ليتني أستطيع محو كل شيء.
لينة_طارق.
التصنيف
اسكريبت